سورة التكوير - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التكوير)


        


{وَمَا صَاحِبُكُمْ جْنُونٍ (22)}
{وَمَا صاحبكم} هو رسول الله صلى الله عليه وسلم {جْنُونٍ} كما تبهته الكفرة قاتلهم الله تعالى وفي التعرض لعنوان الصحبة مضافة إلى ضميرهم على ما هو الحق تكذيب لهم بألطف وجه إذ هو إيماء إلى أنه عليه الصلاة والسلام نشأ بين أظهركم من ابتداء أمره إلى الآن فأنتم أعرف به وبأنه صلى الله عليه وسلم أتم الخلق عقلًا وأرجحهم قيلًا وأكملهم وصفًا وأصفاهم ذهنًا فلا يسند إليه الجنون إلا من هو مركب من الحمق والجنون. واستدل الزمخشري بالمبالغة في ذكر جبريل عليه السلام وتركها في شأن النبي صلى الله عليه وسلم على أفضليته عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأجابوا بما بحث فيه والوجه في الجواب على ما في الكشف أن الكلام مسوق لحقية المنزل دلالة على صدق ما ذكر فيه من أهوال القيامة وقد علمت أن من شأن البليغ أن يجرد الكلام لما ساق له لئلا يعد الزيادة لكنة وفضولًا ولا خفاء أن وصف الآتي بالقول يشد من عضد ذلك أبلغ شد وأما وصف من أنزل عليه فلا مدخل له في البين إلا إذا كان الغرض الحث على اتباعه فلهذا لم تدل المبالغة في شأن جبريل عليه السلام وعد صفاته الكوامل وترك ذلك في شأن نبينا عليه أفضل الصلوات والتسليمات على تفضيله بوجه. وقال بعضهم إن لأحد من هو معزز معظم مقرب لديه دل على أن المرسل إليه كانة عنده ليس فوقها مكانة وقد علمت أن المقام ليس للمبالغة في مدح المنزل عليه وقيل المراد بالرسول هو نبينا صلى الله عليه وسلم كالمراد بالصاحب وهو خلاف الظاهر الذي عليه الجمهور.


{وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)}
{وَلَقَدْ رَءاهُ} أي وبالله تعالى لقد رأى صاحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسول الكريم جبريل عليه السلام على كرسي بين السماء والأرض بالصورة التي خلقه الله تعالى عليها له ستمائة جناح {بالافق المبين} وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق كما روى عن الحسن وقتادة ومجاهد وسفيان وفي رواية عن مجاهد أنه صلى الله عليه وسلم رآه عليه السلام نحو جياد وهو مشرق مكة وقيل إن المراد به مطلع رأس السرطان فإنه أعلى المطالع لأهل مكة وهذه الرؤية كانت فيها بعد أمر غار حراء. وخكى ابن شجرة أنه أفق السماء الغربي وليس بشيء. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في الآية رآه في صورته عند سدرة المنتهى والأفق على هذا قيل عنى الناحية وقيل سمي ذلك أفقًا مجازًا.


{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)}
{وَمَا هُوَ} أي رسول الله صلى الله عليه وسلم {عَلَى الغيب} على ما يخبر به من الوحي إليه وغيره من الغيوب {بِضَنِينٍ} من الضن بكسر الضاد وفتحها عنى البخل أي ببخيل لا يبخل بالوحي ولا يقصر في التبليغ والتعليم ومنح كل ما هو مستعد له من العلوم على خلاف الكهنة فإنهم لا يطلعون على ما يزعمون معرفته إلا بإعطاء حلوان وقرأ ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وعائشة وعمر بن عبد العزيز وابن جبير وعروة وهشام بن جندب ومجاهد وغيرهم ومن السبعة النحويان وابن كثير بظنين بالظاء أي تهم من الظنة بالكسر عنى التهمة وهو نظير الوصف السابق بـ {امين}. وقيل معناه بضعيف القوة على تبليغ الوحي من قولهم بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء والأول أشهر ورجحت هذه القراءة عليها بأنها أنسب بالمقام لاتهام الكفرة له صلى الله عليه وسلم ونفي التهمة أولى من نفي البخل وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل فإنه لا يتعدى بها إلا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه لكن قال الطبري بالضاد خطوط المصاحف كلها ولعله أراد المصاحف المتداولة فإنهم قالوا بالظاء خط مصحف ابن مسعود ثم أن هذا لا ينافي قول أبي عبيدة أن الظاهر والضاد في الخط القديم لا يختلفان إلا بزيادة رأس إحداهما على الأخرى زيادة يسير قد تشتبه كما لا يخفى والفرق بين الضاد والظاء مخرجًا أن الضاد مخرجها من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره ومنهم من يتمكن من إخراجها منهما والظاء مخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا واختلفوا في إبدال إحداهما بالأخرى هل يمتنع وتفسد به الصلاة أم لا فقيل تفسد قياسًا ونقله في المحيط البرهاني عن عامة المشايخ ونقله في الخلاصة عن أبي حنيفة ومحمد وقيل لا استحسانًا ونقله فيها عن عامة المشايخ كأبي مطيع البلخي ومحمد بن سلمة وقال جمع أنه إذا أمكن الفرق بينهما لتعمد ذلك وكان مما لم يقرأ به كمًا هنا وغير المعنى فسدت صلاته وإلا فلا لعسر التمييز بينهما خصوصًا على العجم وقد أسلم كثير منهم في الصدر الأول ولم ينقل حثهم على الفرق وتعليمه من الصحابة ولو كان لازمًا لفعلوه ونقل وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه ويفتي به وقد جمع بعضهم الألفاظ التي لا يختلف معناها ضادًا وظاء في رسالة صغيرة ولقد أحسن بذلك فليراجع فإنه مهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10